استخدام الرافعة المالية في أسواق العملات الرقمية: دليل شامل

المفاهيم الأساسية حول الرافعة المالية

الرافعة المالية في التداول تعني الاستفادة من رؤوس أموال مقترضة لتنفيذ صفقات تفوق حجم رأس مالك الفعلي. هذه الآلية تمنحك قوة شرائية أو بيعية أكبر بكثير، لكنها تأتي مع مجموعة من المخاطر التي لا يجب الاستهانة بها.

في الواقع العملي، يعتمد المتداولون على طريقتين أساسيتين: العقود الآجلة الدائمة والتداول الاقتراضي. كلاهما يوفر إمكانية التداول برافعة مالية، لكن الآلية الأساسية لكل منهما تختلف قليلاً عن الأخرى.

ينبغي التنبيه إلى أن هذه الاستراتيجية ذات حدين — تستطيع مضاعفة أرباحك في سيناريوهات موالية، وتضخيم خسائرك بشكل كارثي في حالات أخرى، خاصة خلال فترات الانخفاضات الحادة بالأسواق.

شرح تفصيلي لآلية التداول برافعة مالية

عندما تستخدم الرافعة المالية، تحتاج إلى مبلغ أقل فقط من رأس المال الأولي للتحكم في صفقات كبيرة الحجم. الفكرة بسيطة: بدلاً من استثمار كامل المبلغ المطلوب، تودع جزءاً منه فقط (يُعرف بالضمان) وتقترض الباقي من منصة التداول.

يمكنك اقتراض حتى 100 ضعف من رصيدك، هذا يعتمد على سياسة المنصة التي تتعامل معها. عادة يُعبر عن الرافعة كنسبة — مثل 1:5 (خمسة أضعاف) أو 1:10 (عشرة أضعاف) أو 1:20 (عشرون ضعفاً). كل نسبة توضح عدد المرات التي يتم فيها مضاعفة رأس مالك الأولي.

لنأخذ مثالاً بسيطاً: إذا كان لديك 100 دولار فقط في حسابك، لكنك تريد فتح مركز برقيمة 1000 دولار بعملة البيتكوين، فإن الرافعة المالية تسمح لك بذلك. هنا، تستخدم 100 دولار كضمان، والباقي يأتي من الأموال المقترضة.

آليات التداول برافعة: التداول الاقتراضي والعقود الآجلة

التداول الاقتراضي وما يتطلبه

قبل أن تبدأ، يجب أن تودع مبلغاً معيناً في حسابك — هذا المبلغ يعتبر ضماناً لتغطية الأموال التي ستقترضها. هذا الضمان الأولي يُحدد بناءً على الرافعة التي تختارها وحجم الصفقة.

لنفترض أنك تريد الاستثمار بـ 1000 دولار في الايثيريوم برافعة قدرها 10 أضعاف. سيكون عليك إيداع 100 دولار فقط (وهو 1/10 من القيمة الإجمالية). لكن إذا اخترت رافعة 20 ضعفاً، فستحتاج إلى 50 دولار فقط. كلما زادت الرافعة، قل المبلغ المطلوب مقدماً، لكن المخاطر تزداد بشكل متناسب.

الحفاظ على مستوى التغطية

عندما تتحرك الأسعار ضد اتجاه صفقتك، قد ينخفض رصيد الضمان لديك. إذا انخفض إلى ما تحت حد معين (يُسمى تغطية الهامش الدنيا)، ستضطر إلى إضافة المزيد من الأموال لتجنب التصفية الإجبارية.

الفرق واضح: الضمان الأولي هو ما تودعه في البداية، بينما تغطية الهامش هي الحد الأدنى الذي يجب أن تحافظ عليه طوال فترة الصفقة.

أمثلة عملية: كسب وخسارة برافعة مالية

سيناريو الشراء مع الربح والخسارة

تخيل أنك تفتح صفقة شراء بقيمة 10,000 دولار من البيتكوين برافعة 10 أضعاف، مستثمراً 1000 دولار فقط من أموالك.

إذا ارتفع سعر البيتكوين بنسبة 20%، ستحقق ربحاً بقيمة 2000 دولار (بعد خصم الرسوم). هذا أعلى بكثير من الـ 200 دولار التي كنت ستربحها لو استثمرت 1000 دولار بدون رافعة مالية.

لكن الجانب الآخر أكثر حدة: إذا انخفض السعر بنسبة 20%، ستخسر 2000 دولار. وبما أن رأس مالك الأولي هو 1000 دولار فقط، فهذا الانخفاض قد يؤدي إلى تصفية فورية لصفقتك. حتى انخفاض بنسبة 10% فقط قد يكون كافياً لإجبارك على التصفية، حسب سياسة المنصة.

لتجنب هذا السيناريو، تحتاج إلى إضافة أموال إضافية لرفع الضمان. يمكنك أيضاً استخدام أوامر إيقاف الخسارة لإغلاق الصفقة تلقائياً عند سعر معين، مما يحمي رأس مالك من خسائر أعمق.

سيناريو البيع على المكشوف

الآن لنفترض أنك تعتقد أن السعر سيهبط. تفتح صفقة بيع بقيمة 10,000 دولار من البيتكوين برافعة 10 أضعاف (1000 دولار ضمان).

إذا كان السعر الحالي 40,000 دولار، فهذا يعني أنك اقترضت 0.25 بيتكوين وبعته بـ 10,000 دولار. إذا هبط السعر إلى 32,000 دولار (20% انخفاض)، يمكنك إعادة شراء 0.25 بيتكوين مقابل 8000 دولار فقط. بعد سداد ديونك، تحتفظ بـ 2000 دولار كربح.

لكن إذا ارتفع السعر إلى 48,000 دولار بدلاً من انخفاضه، ستحتاج إلى 2000 دولار إضافي لإعادة الشراء. مع ضمان 1000 دولار فقط، ستواجه تصفية فورية. هنا أيضاً، إضافة أموال مسبقة أو استخدام أوامر حماية تكون حاسمة.

لماذا يختار المتداولون هذا الطريق؟

الفائدة الأساسية واضحة: تضخيم الأرباح المحتملة برأس مال أقل. بدلاً من الانتظار لتجميع مبلغ كبير، يمكنك البدء بفوري برصيد محدود.

السبب الثاني هو كفاءة استخدام رأس المال. بدلاً من ربط كل أموالك في صفقة واحدة برافعة منخفضة، يمكنك توزيعها على عدة فرص. مثلاً: بدلاً من فتح صفقة برافعة ضعيفة على منصة واحدة، تفتح صفقات متعددة برافعة متوازنة على أصول مختلفة أو منصات مختلفة، مما يتيح لك أيضاً المشاركة في فرص التمويل اللامركزي والتخزين.

إدارة المخاطر: الخط الفاصل بين النجاح والخسارة

الرافعة العالية تعني هامش خطأ ضيق جداً. حركة سعر بنسبة 1% فقط قد تؤدي إلى خسائر فادحة إذا كنت تستخدم رافعة 100 ضعف. من ناحية أخرى، الرافعة المنخفضة (مثل 2 أو 3 أضعاف) تعطيك حرية أكبر للتعافي من الحركات المعاكسة.

هذا هو السبب في أن معظم المنصات تفرض حدود أقل للمبتدئين — حماية لهم من أنفسهم.

استراتيجيات إدارة المخاطر الفعالة تشمل:

أوامر إيقاف الخسارة: حدد سعراً معيناً — إذا وصل السوق إليه، تُغلق صفقتك تلقائياً. هذا يمنع الخسائر من الانزلاق إلى الأسفل.

أوامر جني الأرباح: بمجرد أن تصل الأرباح إلى مستوى معين، يتم إغلاق الصفقة تلقائياً. هذا يضمن أنك لن تصاب بـ “جشع التداول” وتفقد أرباحك.

التداول برافعة مالية هو فعلاً سلاح ذو حدين. يمكنه أن يحقق مكاسب سريعة ومثيرة، لكنه قد يمحو حسابك بنفس السرعة إذا لم تكن حذراً.

الخلاصة الأساسية

الرافعة المالية تفتح باباً أمام الأرباح السريعة برأس مال أولي صغير. لكن هذا الباب قد يُغلق بسرعة في سوق متقلب مثل العملات الرقمية.

النقطة الأهم: لا تتداول أبداً بأموال لا تستطيع تحمل خسارتها. تعلم الآليات جيداً قبل الدخول. ابدأ برافعة منخفضة وارتقِ تدريجياً مع اكتسابك للخبرة.

فهم حقيقي للمنتج الذي تستخدمه يحميك أكثر من أي شيء آخر.